روائع مختارة | روضة الدعاة | علوم وفنون | سم إشعاعى سهل النقل

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > علوم وفنون > سم إشعاعى سهل النقل


  سم إشعاعى سهل النقل
     عدد مرات المشاهدة: 3840        عدد مرات الإرسال: 0

الدول النووية أول المشتبهين ويسألونك عن البولونيوم.

العلماء يقومون بتحليل نسب البولونيوم بكوفية ياسرعرفات.

مع توالى المعلومات فى الأيام الأخيرة عن أول تقرير علمى يحلل عينات لرفات الرئيس الفلسطينى ياسر عرفات لمعرفة سبب وفاته، وإعلان الفريق البحثى بجامعة لوزان بسويسرا عن وجود نسب مرتفعة من مادة بولونيوم 210 المشعة بعظم الزعيم الفلسطينى بمعدلات تقدر بنحو 18 مرة أكثر من المعدلات الطبيعية، مما يرجح أن تكون تلك المادة الإشعاعية هى السبب فى الإضطرابات الصحية التى لحقت به فى الشهر الأخير من حياته وقبل وفاته يوم 11 نوفمبر 2004 عن عمر يناهز 75 عاما.

ورغم أن الفريق السويسرى قد أعلن نتائجه قبل الفريقين الروسى والفرنسى واللذين يعملان بالتوازى وبشكل مستقل طوال عام كامل على تحليل عينات الرفات وغير معلوم إلى يومنا هذا عن تاريخ إفصاحهما لما توصلا إليه، إلا أن نتائج التقرير السويسرى فتحت الحوار من جديد حول مخاطر مادة بولونيوم 210 والتى لم يكن يتداول عنها الكثير من المعلومات قبل 10 سنوات وتحديدا قبل حادث إغتيال الصحفى والجاسوس الروسى الكسندر ليتفينكو عام 2006 والذى توفى فى بريطانيا بعد أيام قليلة من تناوله طعاما أو شرابا به ذرة ملح من بولونيوم 210 حيث إشتبه فى تلك السنوات تورط الحكومة الروسية فى القيام بتلك العملية.

وطبقا للتقارير التى صدرت بعد عام 2006 من قبل منظمة الصحة العالمية ولجنة الرقابة النووية بالولايات المتحدة للتعريف بالمادة، فهى موجودة فى الطبيعة بنسب ضئيلة جدا مع اليورانيوم، وهى تعد إحدى النتائج الثانوية لإصطدام النيوترونات فى مفاعلات الأسلحة النووية، وبالتالى لايمكن إنتاج تلك المادة إلا فى حالة وجود مفاعل نووى مثل ما هو موجود بروسيا أو الولايات المتحدة أو إسرائيل، وكما يشير تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية فإنه سنويا يتم إنتاج 100 جرام فقط على مستوى العالم من تلك المادة والتى لها إستخدامات محدودة ومقننة مثل تصنيع مولدات الكهرباء الحرارية بمحطات الأقمار الصناعية وفى بعض أجهزة تصنيع البلاستيك والألياف الصناعية كما تستخدم بكميات دقيقة للغاية فى تنظيف عدسات الكاميرات من الأتربة.

إضافة لذلك فإن النشاط الإشعاعى للمادة مرتفع جدا ويعادل 5 آلاف مرة إشعاع مادة اليورانيوم 235، كما أن البولونيوم من المواد الإشعاعية غير المستقرة، حيث إن نصف العمر الإشعاعى للمادة هو 138 يوما وتتحول بعد ذلك إلى مادة رصاص 206 المشع، وبمطابقة تلك المعلومة بحادثى الجاسوس الروسى والرئيس عرفات فقد كان من السهل إثبات تعرض الجاسوس الروسى بالتسمم بالبولونيوم نظرا لإجراء التحاليل على عينات الدم بعد وفاته، مباشرة، فى حين أن التحاليل تجرى حاليا على رفات عرفات بعد مرور 8 سنوات على وفاته وبالتالى فإن ما قد يتم إكتشافه من البولونيوم سيكون نسبة بالغة الدقة حيث سيتم الإعتماد بشكل أكبر على رصد نسب الرصاص المشع الناتج عن تحور البولونيوم خلال تلك السنوات.

وعن المخاطر الصحية لتلك المادة فقبل عام 2006 لم يكن بولونيوم 210 مدرجا ضمن قوائم المواد السامة والخطرة على صحة الإنسان نظرا لندرة وجوده أو تداوله مثل باقى السموم المتعارف عليها.

وبشكل عام فإن مادة البولونيوم 210 بلا مذاق أو رائحة، وعلى الرغم من نشاطها الإشعاعى وإنتاجها لأشعة ألفا إلا أنها لا تمثل أى خطورة صحية على حامل أو ناقل تلك المادة لضعف نفاذية أشعة ألفا للملابس أو حتى الورق، كما من الممكن ألا ترصد أجهزة الكشف الإشعاعى تلك المادة مما قد يسهل تهريبها عبر الحدود.

وطبقا لتقرير منظمة الصحة العالمية للتخلص الآمن من البولونيوم فإن غسل اليدين بالماء وكذلك الثمار والمأكولات يسهم فى الوقاية من مخاطر تلك المادة، حيث تكمن المشكلة الكبرى بمجرد إستنشاق أو بلع أو حقن جسم الإنسان بتلك المادة المشعة، فذرة ملح من بولونيوم 210 كفيلة بأن تؤدى إلى تدمير متتال لأعضاء الجسم والجهاز المناعى وتعطى أعراضا لا يمكن الوصول الى سببها المرضى بالفحوص الإكلينيكية العادية.

ويقول د. عبدالعزيز أبوالفتوح غانم رئيس وحدتى السموم بطب المنصورة: تعادل سمية البولونيوم 250 ألف مرة سمية غاز السيانيد. ويكفى 50 الى 80 نانوجرام لقتل إنسان وجرام واحد من المادة لتسمم 20 مليون شخص، والبولونيوم يهاجم الكبد والطحال والمعدة ونخاع العظام الذى ينتج خلايا الدم البيضاء الفاعلة فى الجهاز المناعى.

من ناحية أخرى، كان للباحثة والصحفية الأمريكية دبورا بلم والحاصلة عن جائزة بوليتزر لكتابها عن السموم الكيميائية سلسلة من التقارير العلمية على مدار العام -أحدثها نشر يوم الخميس الماضى- فى محاولة لتفسير ما حدث للرئيس عرفات من واقع البيانات والمعلومات المعلنة ومقارنتها بحادث الجاسوس الروسى، حيث أكدت أن البولونيوم بات منذ سنوات من السموم التى تستعين بها أجهزة المخابرات للتخلص الآمن من بعض الشخصيات العامة، كما أن إرتباط إنتاج البولونيوم بالدول النووية يقلل من فرص تداول المادة المشعة ويزيد من إحتمالات الإشتباه ببعض الدول، وفى ذات الوقت فإنه من الأجدى التروى فى فرض شبهة إغتيال عرفات.

فإذا إفترضنا تسممه بالبولونيوم المشع فمن الأجدى أن يصاب بالأعراض الإشعاعية مثل الجاسوس الروسى من سقوط للشعر وإنخفاض حاد بكرات الدم البيضاء والجهاز المناعى وهو ما لم يحدث مما يرجح إصابته بعدوى بكتيرية أو فيروسية وليس بتسمم إشعاعى.

على الجانب الآخر، فإن تصريحات الفريق البحثى السويسرى لم تكن بالشكل القاطع وإن كانوا أكدوا وجود البولونيوم بدرجة ملحوظة ولعل السبب فى ذلك هو مرور أكثر من 8 سنوات على وقوع الحادث، لذلك فإن تقارير المعامل البحثية الفرنسية والروسية ستسهم فى كشف المزيد من المعلومات وإنهاء الجدل فى تحديد هوية الجانى.

الكاتب: أشرف أمين.

المصدر: جريدة الأهرام اليومى.